قيود فى حياة الفنان المسرحى

قيود فى حياة الفنان المسرحى

المرجع : كتاب فن المايم والبانتومايم للمؤلف توماس ليهبارت وترجمة بيومى قنديل

حينما يتفجر الفن بعد كبت معبرا عن انتصار الفنان على مقيده او رغبته الداخلية فى الانتصار فلابد وان يكون هذا الفن فنا صادقا صريحا لا يلجأ ابدا الى الزيف او التزيين والتلميع وخلافه . لان هذا الفنان لم يكن فى فكره ان يقدم هذا الفن يوما امام جمهور يحضر الى المسرح لقضاء وقت لطيف . بل يقوم بتجسيد شىء قد املاه عليه عقله ليتخلص من قيود قد فرضها عليه نظام او قانون او فرد او جماعة او حتى طبيعة المناخ من حوله .

البانتومايم : وهو التمثيل بصمت او الاداء الحركى فقط دون كلمات وقد اطلق" برنيدان جيل " على من يؤدى فن البانتومايم بالممثل الاخرس الذى يستطيع ان يستحوذ على استعطاف الجمهور كاى انسان عادى قد اصيب بعاهة مستديمة وشعور الجمهور بالصمم او انهم قد اصيبوا بالصمم لتواجدهم فى عالم صامت رغم اختلاف الطبيعة .

ولكن حينما اضاف " مارسو " لمسة تجريبية الى فن البانتومايم بتقديم الموسيقى مصاحبة للتمثيل الصامت فى رواية قدمها قد جعل الجمهور يقبل اكثر على المسرحيات الصامتة ويتعاطف مع مؤديها ومقدميها .

ربما قد صنعت الظروف السياسية القاسية التى عاشتها فرقة الممثلين الايطالين عام 1697 مسارا جديدا فى فن التمثيل حينما طرد الملك لويس الرابع عشر الفرقة المذكورة من باريس لانهم قلدوا عشيقته " مدام دى مينتيون " بطريقة ساخرة .

عاشت هذه الفرقة على الضفة الاخرى من نهر السين دون ممارسة فنهم المحبب فترة طويلة حتى حصلت على تصريح من السلطات بالتمثيل ولكن " بدون كلام " ومن هنا بداء البانتومايم الصامت ان يرى النور مشتقا من حالة الكبت التى عاشتها هذه الفرقة خارج البلاد فى منفى حينما قدموا عرضا مسرحيا عام 1700 بدون كلام تنفيذا لشروط السلطات .

واستطاع الممثلين فى هذا الوقت ان يبتكروا طرقا جديدة للسخرية من خلال البانتومايم واساليب ساذجة للالتفاف حولها .

حتى عام 1716 حينما رفع الحظر ورجعت فرقة الممثلين الايطاليين الى باريس ولكن ظهرت قيود اخرى بحصر عدد ونوع المسارح بباريس .

ولم تسلم المسارح التى ظهرت فى شارع " بولفاردى تمبل " عام 1750 من هذا القيد او غيره من قيود اخرى فرضتها السلطات فى هذا الوقت .

وربما كان اغرب قيدا قد فرض على الممثلين فى هذا الوقت هو ان يؤدى الممثل دوره من خلف ستارة رقيقة من الشاش .

واستطاع الممثل " بلانشيه فالكور " عام 1789 ان يكسر هذا القيد بقوة حينما سمع ان الجماهير قد اقتحمت سجن " الباستيل " فاقتحم هو الاخر الستارة الرقيقة مرددا " فلتحيا الحرية " .

كما ان الظروف الصعبة تصنع انسانا جلدا قويا قادرا على تحمل الصعاب كذلك الفن احيانا قد تصنعه ظروف قاسية . ويمكن ان يقال هنا بان فن البانتومايم قد نشىء نتيجة لايام صعبة قد عاشها الفنان فى وقت ما .